تواجه صناعة القطن المصري التي كانت تحظى بشهرة كبيرة يوما مخاطر كبيرة مع تقلب الاوضاع بعد سنوات من الاهمال من جانب ادارات مختلفة الأمر الذي يستدعي تدخل الدولة بضخ استثمارات جديدة لتعزز الجودة وتشجع الفلاح على الاستمرار في زراعة القطن في ظل تحوله لزراعة محاصيل اخرى تدر ربحا أكبر مثل الذرة.
ويرى محللون ان موجة من الاصلاحات الاخرى في الدولة أغفلت قطاع الغزل والنسيج، فيقول مينا صادق محلل السلع الاستهلاكية لدى بنك الاستثمار بلتون فاينانشال انه ليس من السهل ازالة اثار سنوات وسنوات من الاهمال، فلن ينجح أي شيء دون اعادة هيكلة القطاع.
وتعهدت الدولة لفترة طويلة بأن تولي القطاع مزيدا من الاهتمام، لكن صناعة الغزل والنسيج عاجزة عن التقدم بسبب الالات العتيقة وافتقادها للتصميمات الجيدة والعمالة ذات الخبرة التكنولوجية وهي أمور ضرورية لاغراء المؤسسات الاجنبية بالاستثمار في مصر.
وأوضح محمد عبد العزيز رئيس معهد بحوث القطن المصري ان هناك خلل في السوق، فلم تتم خصخصة القطاع بشكل كامل ولا ظل تابعا للقطاع العام.
وكان القطن المصري المسمى بالذهب الابيض أيام مجده في الستينات يحظى بطلب كبير من جانب من يسعون للحصول على ملاءات أسرة فاخرة ومناشف ناعمة كثيفة وملابس فخمة، الا ان واردات القطن الخام الرخيص بدأت تسيطر على الصناعة اذ ركزت شركات المنسوجات المتهالكة التي عانت من ضعف الاستثمارات لعقود على صناعة منتجات منخفضة الجودة.
وجعل تحرير السوق في عام 1994 المزارعين عرضة للتأثر بالاسعار العالمية المتقلبة، وتكاليف الاسمدة المرتفعة، كما مثل ضعف الطلب الداخلي على القطن طويل التيلة مرتفع السعر نقطة تحول في مسار مصانع الغزل التي اتجهت الى واردات أقل سعرا وجودة.
واستفاد من يزرعون القطن في مصر في البداية من عملية تحرير السوق وارتفاع الاسعار اذ أمكنهم بيع المحصول لمن يقدم أعلى سعر، ولكن مصانع الغزل أغراها أيضا استيراد القطن الخام الارخص قصير التيلة من اليونان أو السودان.
ويرى عبد العزيز ان تلك الواردات تشكل خطرا على انتاج القطن في مصر وتهدد مصدر رزق نصف مليون أسرة على الاقل تعمل بزراعة وحلج القطن.
لكن بعض التجار المصريين يقولون ان مصانع الغزل لا يمكنها تحمل ثمن القطن طويل التيلة ولا تحتاجه، مؤكدين ان مصر تفرض قيودا غير التعريفة الجمركية لواردات القطن منها شرط التطهير المزدوج للقطن بالبخر وليس هناك ما يدعو لمزيد منها.
وقال أحمد البساطي رئيس مجلس ادارة شركة النيل الحديثة للاقطان أكبر شركة لتجارة الاقطان والتابعة للشركة العربية لحليج الاقطان التي جرت خصخصتها في 1996 "اذا دعونا لفرض حظر على الواردات نكون بذلك نعاقب صناعة الغزل. وهي ترزح تحت وطأة ديون تاريخية ليس بامكانها سدادها.
ويريد البساطي أن يتم تسويق القطن المصري طويل التيلة عالي الجودة كمنتج فاخر، مضيفا أنه عندما أمم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر صناعة الغزل والنسيج كانت مصانع الغزل تستخدم القطن المصري عالي الجودة لانتاج منتجات ذات جودة منخفضة، معتمدة على مبدأ الكم لا الجودة.