يخطئ من يتصور أنه بمجرد تعافي الاقتصاد عالميا أو ظهور مؤشرات اقتصادية جيدة فإن البورصة يجب أن ترتفع، فالواقع يقول إن البورصة تسبق الاقتصاد سواء ارتفاعا أو انخفاضا.
والمتابع يرى أن البورصة المصرية أصابتها الأزمه 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2008، عقب الإعلان عن إفلاس بنك ليمان براذر الأمريكي، لكن هبوطها بدأ بالفعل قبل اشتداد الأزمة من مستوى 12000 نقطة (11999) الذي وصلته في 5 مايو/ أيار 2008 إلى مستوى 7000 نقطة تقريبا قبل الإعلان عن إفلاس هذا البنك، وقبل كشف النقاب عن حجم الأزمة، أي أن المؤشر خسر ما يقرب من 5000 نقطة.
ومنذ الأزمة و حتى الآن تأرجح المؤشر ما بين 3393 نقطة كحد أدنى و7249 كحد أعلى، ومعظم الفترات كان فوق 5000 نقطة كحد أدنى.
و بعيدا عن لغة الأرقام، فإن المقصود هنا والمتعارف عليه أن البورصة تسبق الاقتصاد، بمعنى أن الأزمة العقارية أو أزمة الرهن العقاري الأمريكية - شرارة الأزمة - ظهرت بوادرها من شهر أغسطس/ آب 2007، ولكن توقع الاقتصاديون أن يتم السيطرة عليها في حينها إلا أن الأزمة فاقت توقعاتهم.
وفي مصر، وفي البورصة بالتحديد، عانى المستثمرون من تقييمات الأزمة ما بين التقليل من تأثيرها وما بين تداعياتها على الاقتصاد المصري سواء على الاقتصاد الحقيقي أو البورصة.
وهنا يرى الخبراء أن الارتباط موجود بين الاقتصاد والبورصة بشكل حقيقي، وإن كانت هناك قطاعات وأسهم ارتفعت بشكل كبير في زمن الانتعاش، وهو ما يسمى بـ"الطفرة" التي حدثت في المؤشر ما بين شهر أغسطس/ آب 2007 عند ما يزيد عن 6500 نقطة، ليتسارع الصعود حتى يصل ذروته في شهر مايو/ أيار 2008. وهذا عزز الآمال عند الكثيرين الذين دخلوا البورصة في هذه الفترة في وقت كانت الأجواء منتعشة والأرباح حاضرة بأن المكاسب من الممكن أن تعود سريعا وأن فترة التعافي لا يمكن أن تطول، مع رفض أي حديث عن أن الأزمة من الممكن أن تستمر.
وفي أجواء الاقتصاد والبورصة يجب أولا ألا نقارن أداء بورصة أو اقتصاد في مرحلة انتعاش وما بين مرحلة الركود أو التعافي من الركود، لأنه في هذه الرحله نحن نقارن بين بطل أوليمبي حاصل حالا على الميدالية الذهبية في الأوليمبياد ووجوده في المستشفى يعالج من حادث سيارة، و نقارن بين ما كان عليه من قبل الحادث من كفاءة جسمانية وما بين حالاته سواء في المستشفى أو التأهيل الطبي أو مرحلة النقاهة، وهنا المقارنة غير عادله لأننا يجب أن نعدل من حساباتنا لتتوافق مع الأزمة.
ومع بداية عام جديد، يشتد الحديث عن الأسهم التي سوف تشطب من البورصة في إطار قواعد القيد الجديدة التي تفرض على الشركات رأسمال بقيمة مليون، بالإضافه إلى أن يكون حجم الأسهم المتداولة في السوق يعادل 10% من إجمالي أسهم الشركة التي يجب ألا تقل عن 2 مليون سهم ولا يقل رأسمال الشركه عن 20 مليون جنيه، وهي الشروط الرئيسية التي لا تجوز فيها الاستثناءات - حسب القانون - خاصة أن هيئه الرقابة المالية والبورصة جددتا مهلة تنفيذ توفيق الأوضاع أكثر من مرة منذ الإعلان عنها.
لكن الأساس أن توفيق الأوضاع ينصب فقط على الأسهم الصغيرة والمتوسطة والتي هي أسهم الأفراد - الذين يمثلون أكثر من 60 % من السوق المصرية - بينما الأسهم الكبرى تنطبق على معظمها شروط القيد، ولذلك فقد شهدت البورصة مع اقتراب انتهاء المهلة بنهاية عام 2009 هرولة من الأفراد إلى البيع للشركات التي لم توفق أوضاعها تحسبا من الشطب وخسارة أموالهم.
ويبقى أن نقول إن أي شركة سوف تشطب يحق لها بعد توفيق أوضاعها أن تتقدم بطلب جديد للقيد دون التقيد بمدة زمنية طالما مستوفية لشروط القيد.
أما الهم الأكبر للسوق فهو حسم ملف "خارج المقصورة" الذي طال انتظاره، خاصة في ظل المضاربات العنيفة التي يشهدها وعدم وجود رقابه فعالة عليه، وهو الملف الذي أعلن عن حسمه أكثر من مرة على مدى السنتين الماضيتين.
وتبقى ملفات "الشورت سيلينج" أو (بيع الأسهم المقترضة)، وهي الجزء الآخر من نظام الشراء بغرض البيع - المنفذ في البورصة منذ عدة سنوات - وهو من ضمن مطالب المتعاملين لأن من شأنه أن يحقق التوازن داخل السوق من خلال تساوي قوى العرض والطلب، كما ينتظر السوق بدء عمل صناديق المؤشرات والتي سوف تضخ جزءا من السيولة إلى السوق في أدوات جديدة.
ومن أهم الأحداث التى يراها المتعاملون داخل البورصة عام 2009، ملف موبينيل الذي لم يحسم نهائيا حتى الآن مع تأجيل نظر تظلم موبينيل وانتظارا للتقييم الذي سيصدر بحلول 4 يناير/ كانون الثاني 2010.
كما كانت أزمة دبي من الأحداث المؤثرة، والتي هوت بمؤشر البورصة بما يقرب من 8% بالإضافه إلى إعلان البورصة عن إيقاف 29 سهما في إطار عمليه توفيق أوضاع الشركات المدرجة.
ومن أهم الأحداث المالية في البورصة والتي وصفت بالإيجابية هي الإعلان عن استحواذ شركة بايونيرز على شركة بلتون، وهي الصفقة التي وافقت عليها الجمعيتان العموميتان للشركتين قبل نهاية 2009، وهي صفقة تجعل الشركة المستحوذة من أكبر الشركات المالية في السوق المصرية.
وتبقى السنة الجديدة معلق عليها آمال المستثمرين في البورصة، الذين لم يعوض معظمهم خسائر الأزمة المالية وفى ظل ضعف في السيولة، انتظارا لما ستسفر عنه عمليه توفيق الأوضاع وعدم الثقة في أن التعافي من الأزمة قد وصل إلى المعدل المطلوب.